اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
54191 مشاهدة
(فصل في أن القرآن كلام الله حقيقة)

ص (ومن كلام الله تعالى: القرآن العظيم، وهو كتاب الله المبين، وحبله المتين، وتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلب سيد المرسلين؟ بلسان عربي مبين، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود).


س 34 (أ) ما تقول في القرآن. (ب) وما حبل الله المتين. (ج) وكيف نزل به الروح الأمين. (د) وما حكم القول بأنه مخلوق. (هـ) وما معنى قوله: منه بدأ وإليه يعود؟
ج 34 (أ) اتفق السلف والأئمة على أن القرآن كلام الله حقيقة حروفه ومعانيه، تكلم به كما شاء، وكذا التوراة والإنجيل وسائر كتبه، قال الله تعالى فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ [التوبة]- وقال يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ [الفتح]- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يجيرني حتى أبلغ كلام ربي رواه أبو داود بمعناه، وليس لكلام الله نهاية، قال تعالى: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي [الكهف].
(ب) (وهو كتاب الله المبين، وحبله المتين) هذه من أسماء هذا القرآن، كما سماه الله بالكتاب، والفرقان، والذكر الحكيم، وغيرها، ومعنى كونه كتاب الله، أنه كتب بأمره، حيث جرى به القلم في اللوح المحفوظ، ثم كتب في المصاحف التي بين أيدينا، وسماه مبينا لأنه بين ووضح فيه الأحكام وغيرها، قال تعالى وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل]- وروي في حديث عن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه مرفوعا تسميته بحبل الله، وهو تشبيه له بالحبل الذي يتعلق به من يريد الرقي من أسفل إلى أعلى، وكلما كان الحبل متينا قويا، كان أثبت له، وآمن أن ينقطع بمن تمسك به، وقد أمرنا بالتمسك بتعاليم هذا القرآن، قال تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا [آل عمران]- أي بدينه وشرعه المتلقى عن الكتاب والسنة.
(ج) وقد ذكر الله إنزال هذا القرآن منه، قال تعالى تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت]- وقال: مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ [الأنعام]- وكذا آية الشعراء المذكور معناها في المتن وهي قوله: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ أي هو تنزيل من الله، نزل بواسطة الروح الأمين، وهو ملك الوحي جبريل عليه السلام، المأمون على وحي الله، أنزله على قلب سيد المرسلين، بأن قرأه وهو يسمع ويعقل حتى ثبت في قلبه.
(د) وذهبت المعتزلة إلى أن القرآن مخلوق، خلقه الله في اللوح المحفوظ أو غيره، وأخذه جبريل نقلا من ذلك. وهذا يعتبر تكذيبا لله ورسوله كما في النصوص السابقة، وهو خلاف ما عليه الصحابة والسلف الصالح، وقد تشعبت مذاهب المبتدعة في القرآن، ولهم أقوال لا دليل عليها، ولا طائل تحتها.
(هـ) أما قوله: منه بدأ وإليه يعود. فالمعنى أنه الذي تكلم به ابتداء، وإليه يرجع في آخر الدنيا، حيث يسرى عليه فينسخ من الصدور، ويمحى من المصاحف، ورفعه من أشراط الساعة، عندما يعرض عن العمل به.